الأفلام المغربية تعود بخفي حنين من مهرجان مراكش السينمائي
قبل مشيه على البساط الأحمر، سُئِل نبيل عيوش من طرف صحفي فرنسي عن إمكانية فوز فيلمه "يا خيل الله" بإحدى جوائز الدورة 12 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش. عيوش، كان ذكيا في جوابه حيث أخبر الصحفي أن ما همه الوحيد هو الجمهور الذي عبر له عن الإعجاب بفيلم يتناول أحداث 16 ماي الأليمة. نور الدين الخماري لم يسلم من نفس السؤال و هو يتأهب لدخول القاعة الكبرى بقصر المؤتمرات، غير أن جواب مخرج الفيلم "زيرو" جاء بعيدا عن السؤال و لم يخلو من ارتباك.
دخل الجميع إلى القاعة، التحق أعضاء لجنة التحكيم التي يرأسها المخرج و المنتج البريطاني "جون بورمان"، فابتدأ الحفل بعرض شريط يؤرخ لأقوى لحظات النسخة 12. فتحت بوابة المنصة للمخرج الفرنسي "بنوا جاكو" الذي ترأس لجنة تحكيم الفيلم القصير الخاصة بطلاب المدارس، قال أن الأفلام القصيرة التي شاهدها صحبة زملائه في التحكيم مختلفة و متنوعة وأن قاسمها المشترك هو "سؤال الهوية المتأرجح بين التقليد و التغيير.."، بعد ذلك أعلن اسم طارق ليحميدي من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان فائزا بجائزة أحسن فيلم قصير من خلال فيلمه "حياة أفضل" الذي يتناول قصة عشرات الشباب الذين ولوا وجههم صوب أوروبا في انتظار فرصة العبور إلى الضفة الأخرى. الفوز بهذه الجائزة يعني الحصول على مبلغ 300 ألف درهم، عبارة هبة مالية من الأمير مولاي رشيد لمؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مبلغ قد يمكن الطالب التطواني من إنجاز فيلمه الثاني.
بعد ذلك ظهر رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، شكر مهرجان مراكش الذي قال عنه "إنه أحسن مهرجان من حيث التنظيم والكرم..". كرم لا يمكن نكرانه حسب المتابعين لما عاشه ضيوف VIP من بذخ و ضيافة حاتمية تلامس ما علق بمخيلة الغربيين في قصص "ألف ليلة وليلة".
أعلن عن إسم الممثلة الاستونية "الينا رينولد "كفائزة بجائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "جمع الفطر"، لم تحضر المتوجة فنابت عنها منتجة الفيلم في تسلم الجائزة التي قدمها الممثل المغربي الشاب عمر لطفي.
جائزة أفضل ممثل عادت للممثل الدنماركي "سورين مالينك" عن دوره في فيلم "اختطاف"، "سورين" أيضا لم يكن حاضرا فناب عنه "توبياس ليندهولم" مخرج الفيلم المعالج لقصة تعرض سفينة دنماركية للقرصنة من طرف صومالين في المياه الفاصلة بين شبه الجزيرة العربية و الصومال.
الفائز بجائزة لجنة التحكيم الأولى لم يكن إلا "طابور" و هو الفيلم الإيراني المتناول لقصة رجل يعاني من حساسية ناتجة عن موجات كهرومغناطيسية و الذي أخرجه السينمائي " فاهيد فاكيليفار"، بعد ذلك عاد المخرج الدنماركي "توبياس ليندهولم" الى المنصة حيث توج فيلمه "اختطاف" بجائزة لجنة التحكيم الثانية و التي تسلمها من المخرج "ماتيو غارون" الحاصد مرتين لجائزة لجنة التحكيم في مهرجان "كان" السينمائي. المخرج الدنماركي بدا سعيدا بالجائزتين وواثقا من نفسه في آن، حيث قال "عندما أسأل البحارة عن حياتهم.. أجد مهمتي في إنجاز فيلم أسهل بكثير..".
صدمة الجمهور لم تكن كبيرة حينما أعلن عن اسم الفيلم الفائز بالنجمة الذهبية للدورة 12 من مهرجان مراكش السينمائي. الفائز بالجائزة الكبرى لم يكن إلا الفيلم اللبناني "Attaque" الذي ترجم عنوانه في جينيريك الفيلم بـ"صدمة" بينما أصرت إدارة المهرجان على تسميته بـ"الهجوم". زياد الدويري مخرج الفيلم عبر عن سعادة غامرة ممزوجة بالمفاجئة، مخرج "صدمة" كان الضيف الوحيد الذي شكر الشعب المغربي ، بينما شكر الباقون الأمير مولاي رشيد رئيس مؤسسة المهرجان و الملك محمد السادس على رعايته للتظاهرة السينمائية. المخرج اللبناني تحدث باللهجة اللبنانية و ترجم لنفسه باللغتين الفرنسية و الانجليزية و ترك المترجمين في حالة عطالة طوال المدة التي أثنى فيها على كل من اشتغل معه من ممثلين و كتاب و منتجين..، واصفا فيلمه بـ"المشروع الذي لم يؤمن به كثيرون في البداية" و الذي أخذ منه 6 سنوات من الجهد والعمل.
الجائزة الكبرى سلمتها الممثلة الهندية "بريانكا شوبرا" قبل أن تتوجه صوب ساحة جامع لفنا حيث سيعرض فيلم تقاسمت فيه دور البطولة مع النجم "شاه روخان".
أسدل الستار على الدورة الثانية من المهرجان و بإسداله تبخرت أماني من كانوا ينتظرون أن يحظى أحد الفيلمين المغربيين بجائزة من جوائز مراكش. هرول الصحفيون خارج القاعة لكتابة مقالاتهم عن الافتتاح وهم لا يعلمون أن وكالة المغرب العربي للأنباء كانت تملك المعلومة قبل المتوجين أنفسهم و نشرت النتائج بالموازاة مع إعلانها.
لم يبقى في القاعة غير الراغبين في مشاهدة فيلم "اليد في اليد" الذي يعرض خارج المسابقة، بينما تأنق النجوم و الصحفيون و نساء و رجال النخبة المخملية و الفضوليون أيضا استعدادا لعشاء فاخر سيحتضنه فندق "سوفتيل". في تلك المأدبات المنظمة على هامش المهرجان يلتقي المحظوظون لمناقشة السينما و الصفقات التجارية.. بينما يكتفي آخرون بكأس نبيذ أو التقاط صورة بسيجار كوبي و فستان "سواري" أنيق. صورة قد لا تلتقط إلا في دورة سنوية من دورات مهرجان تعيش فيه أسرة السينما المغربية الحلم لمدة تسعة أيام، حلم يطيب لبعض أعضاء نفس الأسرة أن يصفوه بـ"الوهم".